اليوم الأول ل "شذى" في السجن.. عصبة عينين وكلبشات ومدد رباني

هكذا تروي الطالبة شذى حسن تفاصيل اليوم الأول لاعتقالها لدى الاحتلال..

استيقظت الساعة الواحدة ونصف بعد منتصف الليل .. الموافق 12.12.2019 .. لأجد نفسي بين من لا ذمة لهم ولا ضمير .. مكبلة اليدين .. ولا أملك سوى معية رب العالمين والدعاء.


وضعوني في الجيب العسكري ولحسن حظي لم يكن معهم عصبة العينين.. فتمكنت من رؤية الطريق وعلمت أننا في طريقنا إلى عوفر.. في الطريق، الجيب العسكري الذي أتواجد به أكل نصيبه من حجارة أبناء وطني.. وأنا أكلت نصيبي من رائحة قنابل الغاز المؤذية.. ولكنها لحظات ومرت بحمدلله.


وصلنا إلى مكان لا أعرفه.. انزلوني من الجيب العسكري ووضعوا كلبشات في قدمي.. ثم أتى ضابط المخابرات لمقابلتي.. كان البرد قارص والليل أدبر والفجر باشر بالمجيء.. سمعت صوت أذان الفجر الذي طبطب على قلبي في أشد الأوقات حلكة.. وكانت آخر مرة أسمع فيها صوت الأذان.


بعد حديث ضابط المخابرات معي.. وضعوا العصبة على عيناي.. واقتادوني إلى غرفة.. ثم وقف الجندي بجانبي وقامت المجندة بفك العصبة ووضعوا الهوية بجانبي ليتلقطوا صورة.. لا أدري رغم جلل الموقف أبيت إلا أن أبتسم ابتسامتي المعهودة.. فعلى ما يبدو أن الابتسامة استفزتهم فقال لي أحدهم من يتكلمون اللغة العربية:


"وليش بتضحكي؟ مبسوطة!؟"

 الحمدلله.

التقطوا الصورة.. ثم اقتادوني إلى الغرفة التي لبثت فيها ٥ ساعات متواصلة مكبلة اليدين والرجلين ومعصبة العينين.. على كرسي بارد جداً .. كانت ساعات ثقيلة ومزعجة ولكن بلطف الله مرت.. بعدها اقتادوني إلى عوفر وبعد ساعات الانتظار الطويلة في زنزانة شديدة البرودة.. بدأت رحلتي مع الاستجواب.. كان الاستجواب عبارة عن شبهة موجهة لي وردي عليها.. أكثر من ٤٠ شبهة لا أساس لها من الصحة.. فكان ردي عليها كلها "لا، لست أنا، لا ، كلا ، لا ، لا ، لا ... وسلسلة من ال "لا".. استُفز مني المسؤول عن مهمة الاستجواب فقال لي:


"خايف احكيلك كيف حالك تحكيلي: "لا".."

فأجبته:


"لا، الحمدلله.."وابتسمت..


زاد استفزازه وضحك.. وبعدها قال لي ستلبثين ربما سنتين أو ثلاث أو خمسة سنوات في السجن.. فابتسمت مرة أخرى.. وقلت له لا يوجد شيء يدين شذى وهذا ما قلته أنت بلسانك.. هي مجرد شبهات لا أساس لها من الصحة.. وهذا شبيه في البحث الذي أقوم فيه فأنا أضع فرضية ما (ربما تكون صحيحة وربما لا) وأضع على أثرها الأسئلة.. ومن يحدد صحتها من عدم صحتها هو (المبحوث) أي يعني في وضعنا الحالي (أنا).. وأنا لم أؤكد لك شيء.. بالتالي شبهاتك وفرضيتك تثبت عدم صحتها.. أي هذا يعني شذى يجب أنا تعود إلى بيتها.. وكنت قلت لك منذ البداية "أنا هون بالغلط"..


قال لي:

"جهاز المخابرات الإسرائيلية لا يخطىء.."


- "كان بودي أنا أصدق ما تقول.. لكن وجودي هنا يثبت عكس ذلك فأنا لم أرتكب شيئاً.. ولا يوجد ما يدينني.. بالتالي جهاز المخابرات الإسرائيلية يخطىء!"

وانتهى اليوم الأول بمدد رباني رافقني طوال رحلتي في الأسر.

مشاركة عبر :